كابلات الألياف البصرية تعطي إنذارا مبكرا عن طريق مصفوفات كثيفة ومنخفضة التكلفة

MIRAGEC/GETTY IMAGES

تُشكِّل كابلات الألياف البصرية النظام العصبي الضخم تحت الأرض الذي يلبي احتياجاتنا المتزايدة لخدمات الإنترنت عالية السرعة والاتصالات. ومع ذلك، يمكن أن تتأثر إشارات الكابلات أحيانًا بالاهتزازات الناجمة عن مرور السيارات فوقها، أو اعمال البناء القريبة، أو حتى الزلازل. سبق للباحثين أن اقترحوا سابقًا استغلال تلك التشويشات لتحويل الآلاف من الكيلومترات من الكوابل تحت الأرض إلى مصفوفات زلزالية حساسة.

في دراسة حديثة، اظهر الباحثون من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أن كابلات الألياف البصرية لا تكشف الزلازل فقط -بل يمكنها قياس التفاصيل الدقيقة والتعقيدات المرتبطة بالأحداث الزلزالية. على سبيل المثال، باستخدام قطعة من الكابل تمتد على مسافة 100 كيلومتر، تمكن الباحثون من تحديد الوقت والمكان لأربع هزات أرضية صغيرة تكونت معًا لتكوين زلزال بقوة 6 درجات.

“هذا العمل ليس مجرد اكتشاف، بل هو ما يتجاوز الاكتشاف.” يقول Jiaxuan Li, الباحث ما بعد الدكتوراه في الجيوفيزياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا والمؤلف المشارك في الورقة المنشورة في الثاني من أغسطس في Nature. “نحن نتصور تفاصيل عملية التشقق التي تحدث أثناء الزلزال.”

من خلال استغلال المزيد من الكابلات والحصول على المزيد من البيانات، يمكن لعلماء الزلازل فهم الزلازل بشكل افضل. وفي حين أن مصفوفة من كابلات الألياف البصرية غير قادرة على التنبؤ بوقوع الزلازل قبل حدوثها، يمكن للباحثين استخدام هذه التقنية للمساعدة في تطوير أنظمة تحذير مبكرة أفضل تنقذ الأرواح، وفقًا لقول لي.

عادة ما تتعرض كاليفورنيا الى زلزالين الى ثلاثة زلازل سنويا على الأقل والتي تعتبر شديدة بما يكفي- بقوة 5.5 او أكثر- ينتج عنه أضرار متوسطة للمباني. هناك أكثر من 700 جهاز قياس زلازل في جميع أنحاء الولاية. يصل سعر كل جهاز إلى 50,000 دولار أمريكي، وصيانة شبكة الكواشف باهظة التكلفة.

 إن وجود جهاز استشعار قريب قدر الإمكان من مصدر الزلزال أمر مهم للرصد المبكر. ويقول لي إن هذا ليس ممكنًا باستخدام اجهزة قياس الزلازل الباهظة التكلفة. من ناحية أخرى، تمتد كوابل الألياف البصرية بالفعل في الأرض، متشابكة في كل مكان، مما يوفر شبكة كثيفة ومنخفضة التكلفة لاستشعار الزلازل. ويقول: “لدينا شبكة واسعة جداً من الألياف البصرية في المدن وبين المدن. يمكننا تحويل تلك الشبكات الكثيفة جدًا إلى مصفوفات زلزالية يمكننا استخدامها للتحذير المبكر.”

استخدم لي وزملاؤه تقنية تسمى الاستشعار الصوتي الموزع او(distributed acoustic sensing (DAS، وهي تقنية جديدة في علم الزلازل، وتُستخدم بالفعل لفحص خطوط الأنابيب وكوابل الطاقة لاكتشاف العيوب. تتضمن الطريقة إرسال نبضات ضوء ليزر عبر الألياف البصرية وقياس شدة الإشارات المنعكسة من العيوب في الألياف. يمكن أن يؤدي التمدد أو الانكماش الطفيف للألياف (على سبيل المثال، نتيجة لزلزال) إلى تغيير الإشارات المنعكسة.

بناءً على وقت عودة النبضة، يمكنك تحديد متى وأين حدثت الاضطرابات على طول الكابل. نظرًا لأن الضوء ينعكس من آلاف نقاط العيوب على طول الألياف، يمكن لقطعة من الكابل طولها عدة كيلومترات أن تعمل كآلاف من جهاز قياس الزلازل. وهذا يعني وجود المزيد من البيانات الزلزالية، مما يؤدي إلى دقة أعلى، والتي تتيح تحديد موقع الأنشطة الزلزالية الأصغر.

قام باحثو معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بتحويل كابلات بصرية موجودة مسبقا الى مصفوفة DAS. عادةً ما تقوم شركات الاتصالات بوضع المزيد من الألياف البصرية مما يحتاجون إليه، ويستغل الفريق البحثي بعض هذه الألياف “المظلمة” غير المستخدمة. بإذن من تعاونية النطاق العريض في كاليفورنيا، قام الفريق بتركيب جهاز DAS عند أحد طرفي قطعة من كابل الألياف البصرية على طول الحدود بين كاليفورنيا ونيفادا.

في دراستهم، قام الباحثون بتحليل إشارات الضوء من قسمين من كابل الألياف البصرية بطول 50 كيلومترًا لكل قسم، والتي سجلت زلزال وادي الأنتيلوب عام 2021 بقوة 6 درجات. تم توجيه قسمي كابل الألياف البصرية إلى الشمال والجنوب من بلدة أولد ماموث. بشكل عام، قدم كابل الألياف البصرية لمسافة 100 كيلومتر بيانات معادلة لتلك التي يقدمها 10,000 جهاز كشف الزلازل.

باستخدام البيانات عالية الدقة، وجد الباحثون أن الزلزال يتألف من سلسلة من أربعة تشققات أصغر تُسمى “الأحداث الفرعية” والتي لا يمكن اكتشافها بواسطة شبكة زلزالية تقليدية. من خلال إنشاء نموذج حاسوبي للزلزال استنادًا إلى البيانات، تمكن الباحثون من تفصيل الوقت والموقع الدقيق لهذه الأحداث الفرعية.

يقول لي إن الألياف المستخدمة في الدراسة كانت على بعد 100 كيلومتر من مركز الزلزال. “يمكن زيادة دقة صورتنا بشكل كبير عن طريق وجود ألياف في اتجاهات أخرى، على الجانبين الشرقي والغربي من الزلزال أيضًا.”

يقول لي إنه سيكون تحديًا تقنيًا صعبًا معالجة وتخزين كميات كبيرة من البيانات التي ينتجها مصفوفة زلزالية كثيفة من الألياف الضوئية. لكن التحدي “الأول والأصعب” هو الحصول على الألياف لإنشاء مصفوفة DAS واسعة، ولذلك سيتعين عليهم التفاوض مع شركات الاتصالات. “إنها ليست عملية سهلة، لكنني آمل أن يمكن لشركات الاتصالات أن ترى مزايا التعاون بناءً على هذا العمل.”

المصدر:

IEEE Spectrum

 Fiber-Optic Cables Are Natural Earthquake Detectors (IEEE.org)

الترجمة:

إسراء أبوشهيوة